الثلاثاء، 8 فبراير 2011

لقاء

كان لقائى به مختلفا هذه المرة فقد كنت أعرفه منذ ان كنت صغيرا ,كان نشيطا لا تكل له عزيمة ,مرحا لا تغيب عنه إبتسامة,سعيدا لا تنغصه كآبة وطالما كنت أرتقب لقائه حيث اللعب والمرح والسعادة الطفولية ,إلا انه كان فى هذا اللقاء مهموما كئيبا وقد تبدلت ابتسامته إلى نظرات عابسة يبعثها فى جميع الإتجاهات وقد بدت الدموع فى التقاطر من عينيه فسألته مشفقا على حاله: ماذا بك ياصديقى؟؟ فنكس رأسه فى الأرض باحثا عن شىء ما فى كومة القمامة ثم إعتلى الكومة الصغيرة وقال :أصبح النهار كئيبا والليل حزينا والصديق غريما

أنا:هون عليك يا صديقى

هو-فى نبرة متقطعة إختلطت فيها الدموع بالحروف-:قديما تملكنا الجنات والان لا نجد الفتات

أنا:لعل القادم أفضل.

بدا غير مكترثا بمحاولاتى التخفيف عنه ما هو فيه ثم اخذ يسرد لى بعض قصصه فقال:أنظر إلى تلك الأرض المليئة بتلال

القمامة والروث كانت قديما بستانا نلهو فيه صغارا ونطعم منه ونشبع ثم نتسابق فى تجميع الأوراق الخضراء و الجائزة للفائز

ألا يعمل فى تحضير الغداء والعشاء عن ذلك اليوم إنما يجلس كالملك يتابع الرعية التى تعمل من أجله وتحت إمرته,إبتسم إبتسامة صغيرة ثم تابع :كثيرا ماكنت أفوز فى السباق إلا إننى كنت رغم فوزى أشارك فى العمل , لقد كنت ملكا متواضعا..... أحسست بإرتياحه للتقليب فى حقيبة ذكرياته السعيدة فأردت أن أمدد له فى تلك السعادة اللحظية فقلت له:لتحكى لى عن رحلاتك حينما كنت شابا , فابتسم ثم قال:لقد كنت شابا قويا لذلك كنت مقداما لخوض الصعاب وقد ترحلت كثيرا إلى بلاد عديدة وكان لى فى كل بلدة أصدقاء وقد كانت أجمل رحلاتى حينما سافرت إلى ماوراء النهر فقد رأيت من البساتين و الجنان ما لايحتويه مرمى البصر كان المنظر بديعا حقا فقد تناسقت ألوان الزهور مع نغمات الطيور فوق صفحات النهر لتجعل من المكان تحفة فنية فسبحان الخالق البديع إلا أن غدر أصدقائى أتى على كل ذلك ليحولوا المكان إلى مرتعا لمخلفاتهم الأخلاقية!!! نكس رأسه مجددا باحثا فى الكومة ثم قال -وهو يقلب ما فى يديه-أنظر إلى ما وصلنا إليه

أنا:أسف ياصديقى أعتذر إليك بالنيابة عنهم. فى تلك اللحظة يمر بنا رجل فيلقى سلاما مقتضبا ثم ينصرف

صديقى-متحدثا عن الرجل-:لقد كان من أعز أصدقائى

أنا:كان؟؟؟ وماذا حدث؟؟

صديقى:باع بستانه فخسرنى بعد أن خسر نفسه أيضا

أنا:لعل الخير فى غيره

صديقى-مقلبا بصره فى محيط مجلسنا-:غيره!! أنظر حولك وأبحث معى عن نقطة خضراء , لقد غدر بى جميع أصدقائى ولم تعد هناك جنان ولا بساتين لم يتبقى لى سوى كومات القمامة التى ملأت المكان فأبحث فيها فلا أجد سوى بقايا مفتتة من أخلاق صديقى... الإنسان, ثم ينغمر فى بكاء شديد فلم أجد ما أقوله له فودعته مغالبا دموعى و متألما لما آل إليه حال صديقى...أبوقردان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق