تناثرت الأخبارعن قدوم الطبيب إلى القرية وعن نيته تقديم العلاج لكثير من امراض القرية العضال التى قصمت ظهر سكان القرية حتى جعلتهم يبدون
كما لو كانوا أشباه بشر وليسوا بشر حقيقيون , وكان هذا الطبيب ذائع الصيت وله شهرة واسعة ملأت الدنيا عن مهارته فى علاج مثل هذه
الأمراض والتعامل معها فسعد أهل القرية لهذه الأخبار ومنهم من بدأ فى تخيل حياته بلا أمراض ومنهم من أخذ يدعو الله ليل نهار أن يجعل قدوم
هذا الطبيب سببا فى نهاية آلامه ومعاناته ومنهم من أعد العدة لإستقبال الطبيب حتى إنهم قالوا إنهم سوف ينتظرونه على مشارف القرية ليكونوا
أول المستقبلين ,لكن ورغم كل هذا كان من سكان القرية من لم يرد قدوم الطبيب وكان هؤلاء هم عمدة القرية وأهله ورجاله والخفر المواليين له
ويرجع السبب إلى أن قدوم الطبيب سوف يفتح الأبواب لأسئلة كثيرة مثل أين تذهب الأموال المقررة لعلاج مثل هذه الأمراض؟ وكيف بنى العمدة
دوارا بهذه الفخامة ويدعى أن اللى رايح على قد اللى جاى؟وكيف يعيش خفره ومحسوبيه فى هذا الرغد والقرية جميعها معدمة؟ ولماذا يفرض إبنه
التافه الجاهل كعمدة من بعده رغم امتلاء القرية بالمثقفين والمتعلمين والحكماء ذوى الخبرة والرأى الرشيد؟؟ لذلك جيش العمدة رجاله وخفره
للتخلص وبأقصى سرعة من هذا الطبيب وجعله عبرة لكل من تسول له نفسه محاولة مداواة آلام القرية,فإنطلق رجال العمدة و خفره لتنفيذ الأوامر
بشتى الطرق فمنهم من أفتى بعدم جواز معالجة الطبيب لنساء القرية لأنه رجل أجنبى بالنسبة لهن,ومنهم من أخذ يجتمع بالناس ويخبرهم أن يرضوا
بقضاء الله ويصبروا ولا يتمردوا على المرض حتى لايبتليهم الله بطاعون اشد يهلكهم جميعا,ومنهم من أشاع فى القرية أن الطبيب ما جاء إلا بدافع
مصلحته حيث جاء بطلب من أصدقاؤه الخبراء الأجانب لتجربة بعض الأبحاث على سكان القرية الغلابة قبل أن يتم إستخدامها فى بلادهم, ومنهم
من قال إن الطبيب لم يرتدى جلبابا فى حياته وأنه يعامل الناس بكبر ولا يفهم آلام البسطاء ولا يحبهم,ومنهم من قال إن إبن الطبيب لايصلى فكيف
يأمن الناس هل أنفسهم معه وإبنه لايصلى؟؟ إلا أنه ورغم كل ذلك فقد إنقسمت القرية إلى ثلاثة فرق,الفريق الأول -وهو الأقل عددا- يقف
بجانب الطبيب ويرى فيه مخلص القرية من أمراضها العضال,والفريق الثانى وهم رجال العمده وخفره يرون فى الطبيب أنه شيطانا جاء ليخرج القرية
من النور إلى الظلمات وهم يقاومونه بكل ما أوتوا من قوة,والفريق الثالث - الأكثر عددا- يترقبون فى خوف وحذر وعلى الرغم من أنهم يتمنون
التخلص من أمراضهم إلا أنهم يخافون من بطش العمدة وخفره.وفى يوم مشهود فى القرية جاء الطبيب إلى القرية وخرج فى إستقباله من هم فى
الفريق الأول وإستقبلوه فى فرح و إستبشار بالخير الكثير القادم للقرية وساروا جميعا فيما يشبه موكب عظيم حتى وصلوا إلى الحقول التى فى
المنطقة الغربية من القرية وهناك فوجئوا بالعمدة يخرج إليهم فى جمع كبير من رجاله وخفره فأحسوا جميعا أن العمدة يدبر للشر فوقفوا فى صمت
منتظرين قدوم العمدة واستوضاح ماينوى فعله وفى أثناء ذلك وقف من هم فى الفريق الثالث يتابعون الموقف عن بعد ,وأخيرا وصل العمدة للموكب
فصرخ فيهم: إيه ياد أنت وهو الهيصة ديه؟؟
فرد أحد الشباب:ده الدكتور وصل ياحضرة العمدة وكنا بنستقبله
العمدة :وناوين على إيه إن شاء الله
الشاب:كل خير إن شاء الله
العمدة-متوجها للطبيب-:تاخد واجبك وترجع من مكان ما جيت
الطبيب -فى هدوء-:لكن ياحضرة العمدة الناس تعابنين قوى وأنا جاى عشان أعالجهم
العمدة-فى غلظة-:جاى تداوى ولا جايبلنا البلاوى
الشاب-فى حماس-:ياحضرة العمدة إن شاء الله ...فقاطعة العمدة فى غلظة شديدة:إخرس.. وأشار إلى خفره فيما بدا كأنه ترتيب مسبق
فأطلقوا النيران على الشاب فأخترقت صدره وسقط قتيلا فى الحال فسالت دماؤه لتروى الحقول التى تعطشت لدماء شهداء يموتوا من أجلها وسط
ذهول الجميع وهم الفريقان بالإشتباك , وفى إشارة أخرى من العمدة إنقض الخفر على حقائب الطبيب وأخذوا يمزقوا ما بها من كتب وأبحاث
فما كان من الطبيب عندما رأى الشاب القتيل وأبحاثه التى تتطاير فى الهواء إلا أن إتجه للفريق المتفرج وصرخ فيهم :إنقذوا ولادكم ..إنقذوا
نفسكم..إنقذوا الأوراق اللى فيها دواكم...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق